باحث متخصص في الشؤون الأفريقية : زيارة الرئيس #الصومالي الى #الدوحة تحقق توازناً في مواجهة ضغوط #الإمارات


قال الدكتور بدر شافعي، الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية والقرن الأفريقي، إن أهمية زيارة رئيس جمهورية الصومال فخامة محمد عبدالله فرماجو، إلى الدوحة، تبرز لعدة اعتبارات، منها التوقيت، حيث جاءت بعد أزمة كبيرة بين الحكومة الصومالية ودولة الإمارات، مشيراً إلى أن الرئيس الحالي له توجهات تختلف عن سابقه، الذي كان يغض الطرف عن تجاوزات الإمارات في الصومال، أو بمعنى آخر تعاونها مع الأقاليم دون الرجوع إلى الحكومة الفيدرالية عندما وقعت أبوظبي مع أرض الصومال اتفاقية عام 2016 لاستغلال ميناء بربرة ثم أرادت تطوير هذا الأمر في فبراير الماضي، وهو ما اعترضت عليه الحكومة الفيدرالية وطالبت بأن يكون التعامل معها.
وأضاف شافعي في تصريحات لـ الشرق أن الحكومة الحالية لها موقف محايد من الأزمة الخليجية، ورفضت الانحياز لطرف على حساب طرف آخر. وكانت هناك ضغوط عليها من خلال بعض الأوراق مثل حرمان الصوماليين من تأشيرات الحج، ومنع المنح السعودية للطلبة الصوماليين، ورغم ذلك رفضت الحكومة هذه الضغوط تماما، واتخذت موقف الحياد وضرورة حل الأزمة بين دول مجلس التعاون في إطار خليجي.
توازن استراتيجي
وألمح إلى أن الحكومة الصومالية تتعامل مع الدوحة مثلما تتعامل مع باقي الأطراف، خاصة أنها تحاول تأكيد الدولة وإقامتها بعد حرب طويلة امتدت لأكثر من عقدين، وبالتالي فهي لا تريد أن تعادي طرفا على حساب آخر. وأكد أن الزيارة تأتي لإحداث حالة توازن في مواجهة الإمارات، وفي نفس الوقت لا ينبغي أن يفهم بأن الزيارة تعني الدخول في حالة عداء مع الإمارات، وربما تصريح وزير الخارجية الصومالي قبل فترة بأنه طلب من الإمارات بأن يكون التعامل مباشرة مع الحكومة الفيدرالية وليس مع جمهورية أرض الصومال غير المعترف بها، وهذا يعني عدم رفض التعاون مع الإمارات، ولكن يجب أن يكون من خلال الحكومة.
توطيد العلاقات
ونبه الدكتور شافعي إلى أن الصومال من جانب آخر يرغب من توطيد العلاقات مع الدوحة بصورة أعمق، تحسبا لأي تراجعات من قبل الإمارات أو السعودية، أو بمعنى آخر وجود إملاءات تفرض عليه، وفي هذه الحالة يكون عنده مجال للحركة وإحداث توازن وإيجاد البديل. وألمح إلى أن هناك تقارير تحدث عن تمويل الإمارات لبعض الجماعات الإرهابية في الصومال، ومنها حركة الشباب التي تستولي على الموارد الطبيعية مثل الفحم وتقوم ببيعه إلى الإمارات، رغم أن هناك حظرا على ذلك الأمر. وفي إطار تجارب مماثلة ربما ذلك يحدث من أجل تحقيق أغراض معينة في الصومال وإضعاف الحكومة المركزية، وبالتالي يسهل وضع الإملاءات والشروط عليها والحصول على بعض الامتيازات، وهو ما يهدد الاستقرار بشكل عام.
تبادل المنفعة
وتابع بقوله إن زيارة رئيس جمهورية الصومال لها أكثر من هدف منها بطبيعة الحال القضايا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، فالحكومة الصومالية تحاول جذب الاستثمارات خاصة بعد حالة الاستقرار، يضاف إلى ذلك الجانب الدبلوماسي، فمقديشو تريد أن تقول أن لها علاقات مميزة مع دول المنطقة مثل قطر، وبالتالي بسط قوة الدولة وهيمنتها على كافة الأمور.
وقال إن الصومال تحتاج إلى قطر، والعكس، فالحكومة الصومالية بحاجة إلى الأموال والاستثمارات، في المقابل قطر تريد الصومال، لاسيما في التعامل مع الحصار، حيث توجد هناك ثروة حيوانية وزراعية تحتاج إليها قطر، علاوة على الصناعات والاستثمارات المختلفة. وعلى هذا الأساس ستكون النتائج إيجابية لكلا الطرفين.
دور خبيث لأبوظبي
وعن تعمد تواجد الإمارات عسكريا في منطقة القرن الأفريقي، أوضح شافعي أنها ترغب في لعب دور أكبر من حجمها، فلو نظرنا إلى خريطة القواعد العسكرية الإماراتية في القرن الأفريقي، نجد أنها بدأت من أريتريا ثم إلى جيبوتي، حيث حدثت مشكلة واضطرت إلى الذهاب نحو الصومال، وبالتالي فهي تأخذ جنوب البحر الأحمر والمقابل لها في منطقة عدن ثم إلى جزيرة سقطرى، وصولا إلى بعض الجزر الأخرى هناك، وبالتالي فهي تسعى لأن تتحكم في حركة التجارة التي تمر من مضيق هرمز ثم إلى المحيط الهندي وبحر عمان، مرورا بباب المندب إلى البحر الأحمر وقناة السويس، بحيث إذا ما حدثت أي توترات في المنطقة تكون حاضرة في الجانب التجاري من ناحية، وفي الجانب الاستراتيجي من ناحية أخرى. وهذا الهدف أوسع من حجم الإمارات، حيث ترغب أبوظبي في أن تدشن نفسها كإحدى القوى الإقليمية في المنطقة العربية.


المصدر: جريدة الشرق 
Next Post Previous Post