آمال صومالية بإنجاز دستور جديد للبلاد.. هذه معرقلاتها



الاناضول - رغم تعدد العراقيل الأمنية والسياسية والجغرافية، يحاول الصوماليون الاتفاق على وضع بنود دستورهم الجديد قبل الانتخابات الرئاسية المزمعة في العام 2020 .

ورغم الحماسة للانتهاء من وضع بنود وأسس الدستور الجديد، إلا أن انشغالات الحكومة بملفات سياسية داخلية عديدة، يوحي بأنها غير جادة بشأن السير الفعلي بهذا الملف.

في هذه الأثناء أجمع خبراء وقانونيون صوماليون على أن مهمة صياغة دستور جديد يحظى بموافقة شعبية قبل انتخابات الرئاسة عام 2020، باتت مهمة شبه مستحيلة، لعدم اتفاق الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم حتى الآن بشأن بنود شائكة، أبرزها تقاسم السلطة والقضاء والجمارك.

وتبنى الصومال الدستور المؤقت الراهن في آب/ أغسطس 2012، بهدف وضع قوانين تنظم سير عملية الانتقال من فترة اللادولة إلى نظام سياسي، لإيجاد سلطة مركزية تبسط نفوذها، بعد سنوات من الفوضى والحروب الأهلية.

وتقول لجنة صياغة الدستور إنها أكملت عملية صياغته، بما فيها المواد المطلوب إضافتها أو تعديلها أو حذفها نهائيًا.

لكن يتبقى اتفاق الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم على بنود عالقة، حتى يمكن إحالة مسودة مشروع الدستور إلى البرلمان، قبل طرحها في استفتاء شعبي.

موقف الحكومة

وفق محمد محمود جودر، عضو لجنة صياغة الدستور، فإن اللجنة تعمل بأقصى جهودها، رغم كل التحديات، لتمكين البلد من تبني دستور يُرضي جميع الأطياف قبل انتخابات الرئاسة.

وأضاف جودر للأناضول أن انشغال الحكومة بملفات سياسية داخلية، وصرف النظر عن صياغة الدستور قبل حزيران/ يونيو 2020، يوحي بأنها غير جادة بشأن أحد أهم الملفات المكلفة بها منذ انتخابها في فبراير/ شباط 2017.

واعتمدت الحكومة السابقة، التي كانت مكلفة بمراجعة الدستور، على خارطة طريق مع حكومات الأقاليم السابقة، بهدف إجراء انتخابات الرئاسة عام 2016، وذلك بعد فشلها في صياغة الدستور قبل الانتخابات، وهو ما تحذر لجنة صياغة الدستور من تكراره.

ملفات شائكة

تشكل ثلاثة ملفات عائقًا يحول دون إتمام صياغة الدستور، وهي: تقاسم السلطة، والقضاء، والجمارك.

وتمثل تلك الملفات تحديًا أمام الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم لاستكمال صياغة الدستور، بعيدًا عن المناكفات السياسية، لإيجاد دولة مؤسساتية تطبق القوانين، والشروع بضبط إيقاع المشهدين السياسي والأمني.

وقال حسن عبده علمي، نائب وزير الدستور، للأناضول، إن ثمة عقبات قد تعرقل عملية مراجعة الدستور المؤقت.
واستدرك بأن الاتفاق على دستور دائم ليس بالأمر اليسير، فهو يتطلب اتفاقيات سياسية بين جميع الأطراف المعنية، بما فيها الأقاليم.

وأضاف أن وزارة الدستور حددت عشرة بنود تتطلب تفاهمًا بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم، بعضها تم الاتفاق عليه، والبعض الآخر لا يزال قيد النقاش، ونأمل أن يُستكمل قريبًا، والحكومة الاتحادية عازمة على تذليل كل الصعاب.

شكوك حول الموعد

اعتبر زكريا إسماعيل، قانوني متعاون مع لجنة صياغة الدستور، أن مهمة الدستور المؤقت انتهت بعد سنوات من التجربة، مهدت الطريق لوصول البلد إلى تنظيم استفتاء شعبي على دستور جديد قبل 2020.

وأضاف إسماعيل أنه رغم انتهاء ثلثي مهمة صياغة الدستور، فإن عدم وجود اتفاق بين الحكومة ورؤساء الأقاليم بشأن تقاسم السلطة والقضاء والجمارك قد يثير شكوكًا حول اكتمال الدستور قبل انتخابات الرئاسة.

وتابع بأن لجنة صياغة الدستور ضغطت على الطرفين لاستئناف الاجتماعات للتوصل إلى اتفاق حول البنود المتبقية، لكنهما لم يبديا أي تجاوب، رغم اقتراب موعد الانتخابات، في ظل كثرة الملفات العالقة، وهي تشكل أهمية للانتخابات المقبلة.

فصل للصلاحيات

تتضمن عملية صياغة الدستور إشكاليات تحتاج إلى تفسيرات واستنباطات، وهو ما يعرقل سير عمل الحكومة، خاصة بشأن فصل الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومته.

وكذلك صلاحيات الحكومة الاتحادية ورؤساء حكومات الأقاليم، إذ لم يحدد الدستور تلك الصلاحيات، ما يشير إلى أن الأقاليم تأسست على أنقاض دستور غير مكتمل، ما يمثل تحديًا أمام انتخابات الرئاسة المقبلة.

وقال عرفات محمد، المستشار القانوني، إن مهمة صياغة دستور يحظى بموافقة الجميع مرهونة باتفاق بين الحكومة ورؤساء الأقاليم بشأن بنود مهمة، وهو أمر مستبعد حاليًا في ظل خلافات سياسية بلغت حد القطيعة.

وأضاف عرفات أن الضغوط السياسية التي تمارسها الحكومة على رؤساء الأقاليم، ومحاولاتها المستمرة لإدارة مجريات الانتخابات المحلية في الأقاليم، قد تجعل من غير الممكن حدوث اتفاق بين الطرفين بشأن الملفات الشائكة في الدستور المؤقت.

وحذر من أن استمرار تداخل الصلاحيات في ما يخص العلاقات الخارجية والموارد الطبيعية ورسوم الجمارك في المنافذ البرية والبحرية، بجانب أحقية إجراء انتخابات محلية في الأقاليم، بين الحكومة ورؤساء الأقاليم، قد يقوض جهود استقرار الصومال.

يونيو 2020

أعلنت وزارة الدستور، مؤخرًا، عزمها تقديم مسودة مشروع الدستور بعد استكماله، قبل يونيو/ حزيران 2020، للبرلمان من أجل التصويت عليه، قبل طرحه في استفتاء شعبي.

وقال عضو اللجنة، محمد محمود جودر، إن اللجنة معنية باتخاذ الإجراءات المناسبة، في حال عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والأقاليم بشأن الملفات العالقة.
وأوضح أن اللجنة ستدرس الملفات العالقة وتصيغ البنود التي لم يُتفق عليها، بعد التشاور مع اللجان المختصة والجهات المعنية بالدستور.

وأضاف أن عملية التشاور مع المواطنين بشأن الدستور قد بدأت، حيث أوصلت اللجنة مسودة مشروع الدستور إلى بعض الأقاليم لمعرفة وجهات نظر المواطنين.

موافقة شبه مستحيلة
شكك محمد عثمان، المحلل السياسي، في صلاحية اللجنة لصياغة الدستور في حال فشل رئيس الحكومة ورؤساء الأقاليم في التوصل إلى اتفاق، في ظل عدم وجود موافقة برلمانية، قبل الاستفتاء الشعبي على الدستور.

وأضاف عثمان أن فرص إيجاد دستور يحصل على موافقة برلمانية باتت شبه مستحيلة، لوجود نواب موالين لرؤساء الأقاليم والأحزاب المعارضة سيعارضون عملية التصويت على مسودة مشروع الدستور.

ورأى أن هذه الخطوة ستجبر لجنة صياغة الدستور على إعادة الملف إلى الحكومة المركزية ورؤساء الأقاليم، في ظل إصرار الفرقاء على عدم تقديم تنازلات سياسية، لتحقيق تطلعات الشعب.
Next Post Previous Post