رسائل خالدة : رسالة السيد محمد عدالله حسن للصومال


من الرسائل الخالدة لمحمد عبد الله حسن الرسالة التي سماها مباحث المنافقين وهى توضح جانب من جوانب الكفاح الوطني وحقيقة بواعث الثورة الصومالية بزعامة محمد حسن. وهذا نصها كما ورد في كتاب (أضواء على الصومال) للأستاذ عبد الصبور مرزوق. بعد حمد الله والصلاة على رسوله.

نحن قوم قاموا بالعزم والإيمان، وعقدوا نيتهم على أن يدافعوا عن دينهم ووطنهم وشرفهم بآخر قطرة من دمائهم، يجاهدون في سبيل الله تعالي لاعلاء كلمة الإسلام إلي أن يحققوا أغراضهم أو يستأصلوا من فوق الأرض. ونحن قوم نكافحلتطهير جميع أنحاء بلاد الصومال من الأعداء الكافرين المستعمرين لأننا نعلم تماماً أنه لا يمكن أن نعبد الله في أرض آمنيين مطمئنين، ولا أن نقيم أحكام كتابه ولا أن نستثمر خيراتها ولا أن نستنشق نسيم الحرية بها إلا بعد تحقيق الغرض المذكور.

و نحن قوم حاصرهم الكفار والمنافقون من جميع الجهات، وأحاطوا بهم كإحاطة الهالة بالقمر، والسوار بالمعصم، وقطعت عنهم جميع المواصلات والإمدادات الحربية والغذائية. و نحن قوم ملئت صدورهم من الغضب والغيظ لأجل تخاذل المسلمين وتخالفهم مع كثرتهم وتعاون المستعمرين وتوافقهم مع قلتهم في بلادنا.

و نحن قوم باعهم شعبهم بثمن بخس لعدوهم، وقد أنفقت الحكومة الإنجليزية والحبشية والإيطالية والفرنسية في سبيل ذلك مالا كثيراً، وانضمت إليهم بعض القبائل الصومالية التي خضعت لرعوية تلك الدول باختيارها وطوعها يقودها سلاطينها وزعماؤها ويحرضها علماؤها على حربنا. و نحن قوم لا يخضعون لأعداء دينهم ووطنهم ولو كثرت جنودهم، وتتابعت هجماتهم، وتنوعت آلاتهم المهلكات، واشتدت وطأتهم علينا، وانضمت إلي صفوفهم أكثرية غير وطنية وأكثرية من المستخدمين الأجانب لأننا نريد أن نشتري بأموالنا وأنفسنا الجنة من الله تعالي وأن نظهر تضحيتنا في الجهاد وصدق إيماننا وإسلامنا. و نحن قوم لا نسمح للكفار أن يحتلوا بلادنا أو يحكموها، ولا نتكالب على ذلك مع المستعمرين لا بعوض ولا بتهديد، ولا نترك قوانين الشريعة وأحكامها ولا نجعلها خاضعة لقوانين الكفر وأحكامها الطاغوتية، بل نعلن حربنا على الزعماء الذين يسمحون لهم بدخول بلادنا واستعمارها ونوجه لومنا إلي العلماء والقضاة الذين يهينون شريعتنا الإسلامية ويجعلونها تحت أقدام الكفرة الفجرة. تلك أحوالنا التي سألتنا عنها، أما أحوالنا مع أكثرية القبائل الصومالية التي نتحارب معها فأفيدك أيها الشيخ أنه.

لما أزمعت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري بعض الدول أن تستعمر بلادنا وهى الدولة الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والحبشية.

و اتجهت أفكارها إلي ذلك ودخلت الأولي بلادنا من ميناء بربرة بمكاتبة الأهالي، والثانية: إيطاليا من مقدشوة، والثالثة: فرنسا من جيبوتي بتلك الصفة، والرابعة: الحبشة إليهرر بالقوة حينما فتحها منليك في 1305هـ من يد حاكمها الصومالي الأمير عبد الله.

اتفقت عند ذلك تلك الدول الأربع على ألا تتصادم في استعمار البلاد الجديدة، وتبادلت مكاتبات سرية يجهلها جميع المواطنين، وتجعل لكل دولة من الأربع قسطاً في بلادنا بتلك المكاتبات السرية، ولكنها لم تخطط حدوداً في بلادنا كما لم تفتح فيها طرقاً. لأنه قبل تحقيق ذلك الحلم أعلنا عليهم جهادنا فكان حاجزاً بينها وبين ذلك ولن يكون لها إن شاء الله تعالي تحقيق أمانيها وتخطيط حدود أراضيه في بلادنا ما دمنا على قيد الحياة، ولن تنفعها شيئاً الخطوط المكتوبة في الأوراق. ثم أن الدول المذكورة بدأت تبذل أموالاً تافهة لزعماء القبائل ورؤساء العشائر لتشتري منهم دينهم ووطنهم وشرفهم وعزهم بتلك الدريهمات.

و كأن الزعماء لا يفهمون مرارة الاسترقاق والاستعمار ولا يدركون ما سيحصل لهم ولشعوبهم من الذل والخزي والهوان بعد ما خلا الجو ممن يعارضون تلك الدول.
و لا يلتفتون إلي أن تلك الدول تريد استثمار خيراتها لفائدة دولهم، ولا تريد أن تجلب خيرات بلادها إلي هؤلاء الجهلاء الأغبياء ولا يفهم هؤلاء الأغبياء أن المرتبات والمشاهرات مثلها كمثل ما يعطي للطير والحيتان لاصطيادها. 

و من جهة أخرى فتح المبشرون مدارس في البلاد ليغيروا من دين الشعب. وقد تقدم الآباء وأولادهم إلي تلك المدارس المضللة لعقول الأطفال والتي تنشئهم نشأة غير دينية أو إسلامية.

و نشأ أيضا في المدن التي تسكنها تلك الدول الأربع عادة شرب المسكرات وتناول المخدرات وفتحت العاهرات أبوابها دون خجل فلما علمت ورأيت ذلك ثارت في نفسي شدة الغيرة الإسلامية واشتعلت في قلبي الجذوة الوطنية، والتهبت روحي غضباً، وكادت تخرج من الهيكل الجسماني، فبدأت أخطب في المساجد والمحافل، وألقي بين الأمة خطباً حماسية دينية وأتلو الآيات القرآنية الواردة في الوعد والوعيد، والأمر والنهي لكي أنبه الشعب قبل أن ينتشر الوباء في جميع البلاد، ويستولي العدو على جميع أنحائها، ولا أزال أحذر الشعب وأناديه، ولكن لا حياة لمن أنادي، ولا حكمة لمن أحذره. و قد قالوا لي لما نبهتهم عن تقديم أوطانهم للمبشرين وعن تجنيد رجالهم للعدو والفاتح.(إنك تريد أن تقطع أرزاقنا وتهلكنا بالفقر والجوع). فقلت لهم.(إن رزقكم على الله تعالي لا على غيره. ألم تسمعوا قول الله تعالي. 

(و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) فقالوا. ومن أين يأتي الله برزقنا إذا أطعنا كلامك؟. فقلت لهم. ألم تسمعوا قوله تعالي.(و في السماء رزقكم وما توعدون.) فلما سمعت منهم هذا الاحتجاج لي بأمر الرزق شرعت أزجرهم وأنهاهم عن تقديم الطاعة للكفار بكل سيء وعن الخضوع لأوامرهم ونواهيهم، واستدللت لهم بالآيات القرآنية التي تثني المسلمين عن موالاة الكفار. فقالوا لي (هذا أشد وأعجب من مسألة الرزق لأنك تعلم أن القوة في هذا الوقت للكفار، وأن جميع المسلمين ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، وإذا لم تطع الكفار وتقبل دعوتهم هلكنا بسبب ذلك). فقلت لهم. ألم تسمعوا قوله تعالي. (و أياي فاتقون)، وقوله (لا تخشوا الناس واخشون).

فلما عجزت عن حملهم على قبول ذلك مني قلت لهم: ((إنكم إذا جاهدتم الكفار واشتددتم ستكونون أمة قوية ولا تخافون إذ ذاك من رجال أمثالكم في الأعضاء الجسمية والفكرية والعقلية) وقرأت عليهم الآيات الواردة في فضل المجاهدين وما أعد لهم في الأخرة فقالوا.(الجهاد وقته متأخر وسنجاهد في أوان الجهاد عند خروج المهدي المنتظر فعندئذ تكون لنا العصي بنادق ومدافع، وستكون آلات الكفار عصيا.أما إذا جاهدنا الآن وليس معنا آلات حربية فلا يكون لنا إلا الهلاك في الدنيا والعذاب في الأخرة، لأن الله تعالي يقول. (ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة).0 فقلت لهم. يأيها الجهلاء جهلكم علماؤكم عن الحقائق كلها فإن معني الآية الكريمة.(و لا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة) بترك الجهاد والدفاع عن دينكم ووطنكم وأنفسكم. 

و ليس معناها أسلموا أوطانكم وأنفسكم إلي الكفار فتتحكم فيها ما تشاء وما تريد وقلت لهم أن الله تعالي قال في كتابه العزيز(كتب عليكم القتال وهو كره لكم). وقال (فيقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بلآخرة).و قال (و لا تهنوا في ابتغاء القوم أن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون).(الآية) وقال (ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال.(الآية).فإذا سمعتم هذه الآية وأمثالها فمن أين يأتي علماؤكم بتلك الخرافات المزعومة. ولكنهم لم يقتنعوا بشيء من الآيات والأحاديث التي ذكرتها، بل ازدادوا طغياناً وعناداً، وكانت النتيجة أن وشي لي بعضهم، وسعي بعض علمائهم الخونة بين الحكومة الإنجليزية وبيني بالإفساد، ونصح لها باعتقالي. وقال لمن لا يبالي بكلامه ستندم الحكومة يوم لا ينفع الندم وعلمت أن واحداً منهم يقال له (أوجاس) حصل علىأجرة شهرية جارية بتلك القصة.

لقد بدأت الجهاد من مدينة (بربره) التي هي مركز الحكومة الإنجليزية واتجهت نحو القبائل البعيدة عن المدن التي بها تلك الدول المذكورة لكي أجد من بينها رجالا يتأثرون بالمواعظ القرآنية والنصائح الإسلامية، وكنت أومن أنه لا يمكن مجابهة المستعمرين ومدافعتهم بدون قوة ترد هجماتهم وتوقف احتلالهم، وأن مجرد الوعظ بدون قوة لا يعيد شيئاً. فشرعت حينئذ في استعداد سريع سري من جهة بالخطب والمواعظ المؤثرة، ومن جهة أخرى كنت أدعوا القبائل الصومالية أن تنتقل من الشك والكسل إلي اليقين والعمل ومن التخلف والتخاذل إلي التعاون والتكامل، ومن الخوف والهلع إلي الجرأة والإقدام، ومن الاستسلام والذلة إلي الستبسال والعزة. 

فاجتمع لدي عددكبير من القبائل الصومالية، والتفوا حولي، وغرست في نفوسهم محبة دينهم ووطنهم، وبغض عدوهم من الكافرين ومن يساعدهم، وانطبعت معاني الآيات القرآنية في نفوسهم، وفهموا المقصود منها، وتعاهدوا على الجهاد والدفاع عن الدين والوطن والشرف وتحالفوا وأخذوا في الاستعداد بالرماح والسيوف والعصى والبنادق القليلة والخيول.
ولما علم المستعمرون بما قمنا به من الاستعدادات أرادت الحكومة البريطانية أن تسكنا بغية أن تستأصلنا فجأة فلما علمنا بذلك ابتعدنا جهتها لكي نتم استعدادنا المنشود فأعلنت الحرب على قبيلة تساعدهم بالرجال وصادرت الجمال التي حملت بضائعها إلي بربره. فعند ذلك أعلنت الجهاد عليها وعلى كافة المستعمرين وعلى جميع القبائل التي تساعدهم في حربنا، ودعوت جهاراً جميع القبائل الصومالية إلي الدفاع عن الوطن والدين، وأرسلت الوفود والرسائل إليجميع أنحاء البلاد.

و لما ابتعدنا عن الحكومة الإنجليزية نتم استعدادنا، ونسلم من مباغتتها ومفاجأتها، هجمت الحبشة علينا من هرر باتفاق بينها وبين الحكومة الإنجليزية على أن تهجم كل منهما علينا من جهة، فنالت الحبشة من بعض القبائل الموالية لنا بعض أموال ودماء فخرجت في أثرها فدارت بينها وبيننا معركة في جججة. و في نفس يوم تلك المعركة أغارت قبائل صومالية على أموالنا وأهلنا الذين تركناهم في (دك)، وتلك القبائل أرسلتها الحكومة الإنجليزية علينا وأمدتها بالمال ولكننا انتصرنا في المعركتين معا. ثم بعد قليل من المعركتين اللتين خضناهما بدون استعداد قامت بعض القبائل بمؤامرات علينا دبرها منليك ملك الحبشة مع بعض زعماء القبائل، وكان غرضهم أن يقتلوا جميع رجالنا في يوم واحد حتى لا يفلت منهم شخص، فاجتمع من تلك القبائل خمسون ألف رجل يقودهم الزعماء الذين دبروا المؤامرة. 

و كان هدفهم أن نختلط بهم ونحسبهم أنهم قبائل موالية لنا ومعادية للحبشة ولكن لحسن الحظ أنه فبل أن نقع في الشرك استعجل بعصهم وقتل منا رجلاً يقال له الحاج عباس وهو قائم يصلي صلاة العصر، فانكشفت المؤامرة، وافتضحت مكيدتهم ثم قررنا أن نحذر القبائل كلها كما نحذر الدول المستعمرة، وقررنا أيضا أن نبتعد عن تلك القبائل التي قامت بتلك المؤامرة الخبيثة لأجل ألا نخوض حروباً مع تلك القبائل الجاهلة. و عندما ابتعدنا عن تلك القبائل المذكورة علمنا في الوقتنفسه أن الحكومة البريطانية ومعها قبائل صومالية غزتنا من جهة الشمال، وأن الحبشة ومعها قبائل صومالية غزتنا من جهتي الجنوب والغرب فاتجهنا نحو الشرق لأننا لم نستكمل استعدادنا فعلمنا أيضاً أن القبائل الصومالية الموالية للحكومة الإيطالية غزتنا من جهة الشرق بايعاز واعانة من الحكومة الإيطالية.

علمنا أيضاً أن تلك الغزوات في سلسلة واحدة متصلة حلقلتها قد دبرت لتطويقنا من جميع الجهات تقريباً فقررنا أن نتجه نحو القوات الإنجليزية لأنها المثيرة علينا جميع تلك الأمم، فحاربناها وانتصرنا عليها، ولكن لم يزل الحصار مضروباً علينا فيما بين كلادو، ورطير (الجهات الأربعة) فاتجهنا مرة أخرىإلي معسكرات الحكومة الإنجليزية لأننا نعلم أننا إذا انتصرنا عليها خاف البقية فانتصرنا على الجميع. و لأجل ذلك اتجهنا إلي دفاع العدو وأذنابه وقررنا أن نواصل الكفاح المرير الأليم وكلفا لهم الضربة بضربتين، والطمة بلطمات، وقاتلناهم بعزم وشجاعة وسياسة وحكمة. و بعد ما ذاقوا العذاب والسخرية منا سموني مع سيدهم الكافر الإنجليزي (الشيخ المجنون) ولا استبعد ذلك من الحكومة الإنجليزية لسببين أولاً. 

أنها تقلد في ذلك الأمم السابقة التي كانت تتهم المصلحين من الأنبياء وغيرهم بهذه التهمة. وثانياً. أنها تستبعد محاربة رجل واحد ومناوراته وليس مع شعبه من الآلات ولا المعدات الحربية ولا أموال وغيرها وهو ينفرد بهذه الفكرة الحماسية في وحدة واستقلال الصومال. و قالوا للدراويش وهم رجالي أننا علمنا من رأس معينة أن الحكومة الإنجليزية تتسلح بآلة تحرق الأرض، وتحرق جميع بلاد الصومال، وستغزو الدراويش هذا الدور بتلك الأسلحة.

فلما علمت هذه الأرجوفة سكنت فزع الأمة وقلت لهم. أن تلك الآلة إذا فرضنا وجودها فهى لن تحرقنا وحدنا. بل ستحرق معنا جميع الكفار الذين في أرضنا ومن يساعدونهم، وهذا ربح لنا وخسارة عليهم لأننا نموت شهداء في وقت واحد، والشهادة هي غرضنا الرئيسي، والكفار سيغادرون الدنيا وهى غرضهم الأول وسيدخلون النار المؤبدة عليهم. و أما إذا ظننتم أنها تحرق الأماكن الخاصة بنا ولا تحرق غيرها فهذا أمر لا يمكن تصوره لأننا نقدر أن نهرب من الأماكن المحترقة إلي أماكن غير محترقة. وقد قال تعالي.في شأن أمثالهم.

(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم، ثم لا يحاورونك فيها إلا قليلاً، معلونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً.). فإذا علمت ذلك فقد فهمت أسباب الحروب التي وقعت بيننا وبين القبائل الصومالية كذلك اتضحت لك الأدلة الشرعية التي اعتمدنا عليها في قتالهم ومحاربتهم، واستبحنا بها دماءهم وأموالهم، ولولا ما قمنا به من محاربتهم ودفعهم عن أنفسنا واخواننا من مؤامراتهم الداخلية، واستعجالنا لتحطيم شوكة المدبرين للانقلاب علينا، وكشف الجواسيس المستترة في جيوشنا، لو لم نفعل ذلك لما عاشت نهضتنا أكثر من شهر واحد، ولأسرتنا القبائل بسلاسل المستعمرين، وليتم تشتيتنا في أوائل نهضتنا وقيامنا بالجهاد والدفاع على مشانق الكفار. 

إني قد حاولت مرارا، وأردت كثيراً أن أقوم القبائل بالجهاد والدفاع عن دينها ووطنها مستقلة ومنفصلة عن الدراويش من رجالي وتعهدت لكل قبيلة تقبل ذلك بالسلاح والمال. وكان غرضي من ذلك ألا يدخل في خواطرهم أننا نريد السيطرة عليهم فلم نر أي قبيلة تجيب وتقبل، اللهم إلا قبيلة (بيمال) ولكن القبائل الصومالية التي في بلادهم الجيوش الإيطالية فقد تبدد شملها، وكسرت قوتها وشوكتها، وقضي على نهضتها في مدة وجيزة. و الخلاصة أننا لا نرجو الانصاف في اطرائنا والتحدث عن حروبنا مع قوم أراقوا دماءنا، ونهبوا أموالنا، وححاربونا سنين كثيرة، وسبونا بأشعارهم وألسنتهم، وفعلوا بنا كل ذلك لأجل مساعدة عدونا الكافر المستعمر، ولأجل استجلاب رضائه وأمواله واستبعاد غضبه وسخطه.

و أنصح كل منصف يريد ان يعرف حق المعرفة أحوالنا وأهدافنا وأسباب حروبنا والمعارك التي انتصرنا فيها وانتصرت علينا، وعن الأمور التي عرضناهأعلى الشعب من أراد ذلك فأنصحه أن يأخذها بين أشعاري الصومالية التي نظمتها لكي تكون تاريخاً غنياً للشعب الصومالي من بعدي، تخبرهم عن غرضي الوحيد. وأن يأخذوها من خواص اخواني (الدراويش) الذين ناضلوا معي. 

ولكني أحذر كل منصف أن يأخذها من الرجال الذين كنا نحاربهم في الميدان أو باللسان سواء من المستعمرين أو من القبائل التي كانت معهم ولا من الذين أخذوها منهم. و أختم جوابي بالسلام على من اتبع الهدي، وجاهد الكفار والمنافقين، وكل من يساندهم أو يعاونهم، واللعنة والغضب على الكافرين وعلى الذين يبيعون دينهم ووطنهم وشرفهم. هذا. والسلام.
Next Post Previous Post