«الصادعون بالحق».. جماعةٌ إسلاميةٌ جديدةٌ تَظهرُ في مصر.. والصومال تَعرَّف عليها

الجماعةُ لها أميرٌ مصريُّ الجنسية يحمل اسم "مصطفى كامل محمد"، يتخطَّى عمرُه السبعين عاماً، بحسب ما ظهر في البيان التأسيسي الأول.


  • مَن هم قادتها؟
  • لماذا ظهرت حاليا؟
  • موقفهم من التكفير
  • موقفها من العنف والديمقراطية
  • "داعش" أم إخوان؟
"نحن جماعةٌ من المسلمين، ندعو الناس إلى رسالة التوحيد التي جاء به الأنبياء جميعاً عليهم السلام وإمامهم محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي (اعبدوا اللهَ ما لكم من إلهٍ غيره)، وهذه الدعوة تُحرِّر الإنسانَ من الخضوع لغير الله رب العالمين، فيتحقق للإنسان كرامته ورفعته".
بتلك الكلمات أعلنت جماعةٌ إسلاميةٌ جديدةٌ عن نفسها تحمل اسم "جماعة الصادعون بالحق"، من خلال مقاطع فيديو مُسجّلة، قامت ببثها على موقع الـ "يوتيوب"؛ لتُثير جدلاً واسعاً في مصر والعالم العربي والإسلامي.

فمَن هي تلك الجماعة الجديدة؟ وعلى أي مبادئ تأسَّستْ؟ وأين مقرّها الرئيسي؟ وما عدد القواعد المُنتمية لها؟ وما علاقتها بالجماعات والتيارات الإسلامية الموجودة على الساحة حالياً؟ وما علاقتها بالأنظمة الحاكمة؟ وهل يُمكن لتلك الجماعة أن تحلَّ بديلَ جماعاتٍ إسلاميةٍ أخرى تُواجِه التَّشرذم والاختلاف كـ "جماعة الإخوان المسلمين" مثلاً؟.

نشأة الجماعة

"الصادعون بالحق" هو الاسم الذي اختارته الجماعة الجديدة التي ظهرت على الساحة مؤخراً، مؤكدةً أن هذا الاسم مُستوحى من المرحلة الجديدة التي دخلت فيها، وهي مرحلة الصَّدع بالحَقّ - أي الجَهْر بالحق - والاستعداد لتحمل تبعاته مهما كانت، والاسم مأخوذٌ من المرحلة الثانية لدعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قرَّرَ الصُّدُوعَ بالحق.

وخلال شريط فيديو بثَّتْه عبر موقع الـ "يوتويب" بتاريخ 2 إبريل 2017، أكَّدت الجماعة أنها تأسَّست عام 1974 أي قبل 40 عاماً، إلا أنها كانت خلال تلك الفترة تعمل في السِّرِّ ودون الإعلان عن نفسها، وأنها منذ نشأتها بدأت تدعو الناس سِرَّاً إلى هذا الحق؛ فآمَنَ به أناسٌ من بلادٍ مختلفة، ومن هؤلاء كوكبة من الرجال والشباب، على حد قولها.

الجماعة لها أميرٌ مصري الجنسية يحمل اسم "مصطفى كامل محمد"، يتخطَّى عمره السبعين عاماً - بحسب ما ظهر في بيان الإعلان عن جماعته - كما أنهم تضُمُّ أفراداً وقيادات من جنسياتٍ مُختلفة بالعالم العربي والإسلامي.

ومنذ إعلان الجماعة عن نفسها منذ 3 أيام وهي تقوم ببث فيديوهات تعريفية خاصة بها وبأفكارها، يقوم بشرحها شخصيات قيادية بالجماعة من دول مختلفة، كمصر، وليبيا، والصومال، والكويت، وهو ما يُظهر أن تلك الجنسيات الأربع هي التي تتألَّف منها الجماعة، وإن كان أكثرها من المصريين.

ويبدو أن ثمَّة تنسيقاً واتصالاً قوياً تبلورَ في مراحل سابقة بشكلٍ مُتدرِّج انتهى بشكله الحالي، وهو الاتفاق على تدشين المرحلة الجديدة رغم تبعاتها الأمنية.

الجماعة الجديدة قدَّمتْ نفسها كجماعةٍ عالميةٍ مركزها في مصر، ولديها أفرع في الكثير من الدول العربية والأفريقية، ومنها الصومال، كما يبدو أن معظم التسجيلات تمَّ تصويرها في الصومال.

مَن هم قادتها؟

تضمُّ الجماعةُ الجديدة بعضَ الأسماء القيادية فيها - بحسب ما ورد في تسجيل الفيديو -، ويأتي على رأسهم أمير الجماعة المصري "مصطفى كامل محمد" إلى جانب العديد من الشخصيات، منهم مصريون - وهم الأكثر - إلى جانب ليبيا والصومال والكويت.

وقد ظهرتْ بعضُ الأسماء منهم الدكتور "عثمان عبد الله روبله"، قياديٌّ من حركة "الأهلي" في السبعينات، وهو أكاديمي معروف، وينتمي الى قبيلة "أبغال" المشهورة في الصومال، و"بشير شيخ محمد عبدي" من مواليد 1958، رجل أعمال من نشطاء الجماعة القدماء، و"عبد الله شيخ دون عبده"، وينتمي الثلاثة إلى جماعةٍ صومالية تكفيرية، وقد ظلَّتْ في الصومال منذ منتصف السبعينيات.

لماذا ظهرت حاليا؟

ذكر البيانُ التأسيسي الأول لها والذي قرأه أميرها المصري "مصطفى كامل"، أنها ظلَّت في الساحة وأنها كانت تُراقِبُ الوضعَ، وأنه آلمها ما تراه وتسمعه في أنحاء العالم وما آلَتْ إليه الأمة التي كانت (يوم إسلامها) تملك زمام القيادة، وما تُعانِيه اليوم من تنازعٍ وشقاءٍ وانحلالٍ أخلاقي وتخلّفٍ وفقرٍ وعناءٍ وتبعيّةٍ لكل نَاعِقٍ يقُودها الى مزيدٍ من الشقاء، بحسب البيان.

وأوضحت أنها بعد ما شاهدت كل هذا "فإن المسئولية حتَّمَت عليهم الظهورَ لإنقاذ الأمة، وأن الحلَّ والشفاء من كل هذا الشَّقَاء - بحسب وصفهم - هو أن تعود الأمةُ طائعةً إلى خالق السموات والأرض، وأن تُعلِن إسلامها من جديد كما أعلنت اسلامها يوم بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم -".

وبينما لم تعلن الجماعةُ عن أسباب ظهورها في هذا الوقت بالتحديد فإن أحد المواقع الصومالية الذي يحمل اسم "صومالي تايمز" أرجع أسباب الإعلان إلى أنها كانت تُعانِي من صراعٍ في البقاء؛ بسبب الفترة الطويلة التي ظلَّت تعمل بها في الخفاء والتستر مما جعلها عديمة الفاعلية، ضعيفة التأثير، آيلةً للسقوط والفناء والاضمحلال، فقرَّرت الظهور في هذا التوقيت لتكتسبَ أرضاً أخرى جديدة وأفراداً جدداً قبل أن تندثر بشكل تام.. حسب تعبير الموقع.

موقفهم من التكفير

الجماعةُ الجديدة على الساحة يبدو أنها ترَى بكُفر المجتمعات الإسلامية، وإن كانت لم تقل ذلك صراحةً، غير أن معظم مضمون خطابها يُوحِي بذلك، فجماعة "الصادعون بالحق" تدعو الناس إلى التوحيد فقط (وليس الالتزام التفصيلي أو الإصلاح الشامل)، كما يبدو ذلك أيضاً من خلال مطالبتها للأمة بالإعلان عن هذه العبودية، ومن المراحل الدعوية التي حددت لنفسها وصولاً إلى التطبيق الكامل لشرع الله.

كما أن الجماعة في طرحها تُخالف الجماعات الإسلامية الأخرى في العالم الاسلامي حيث تسعى إلى إيجاد الجماعة المسلمة من جديد، وليست مهمتها تصحيح ما هو قائم وموجود، وهذه هي نقطة خلافها مع الحركات التصحيحية الأخرى، التي تَعترف بإسلامية مجتمعاتها ثم تَنطلِق في تصحيح الجوانب الأخرى من السياسة والاقتصاد والتعليم، والاجتماع.

ومن وجهة نظر الجماعة الجديدة، فإن أكبر خطأ ترتكبه الأمة اليوم يتمثَّل في – حسب نظر الجماعة – إقصاء شرع الله واتباع الطواغيت التي تضع التشريعات؛ وبالتالي فهي لا تُعطِي أولوية لجوانب عقدية أخرى مثل الدعوة لغير الله والذبح والطواف على الأضرحة، ومحاربة البدع، والمنكرات الأخلاقية، والتغريب كما هو شأن جماعات أخرى عُرفت في الساحة الدعوية.

موقفها من العنف والديمقراطية

بحسب بيانها وما توفَّر من فيديوهات لها يبدو أن الجماعة الجديدة لا تتبنَّى العنف، ولا تُمارسه كخيارٍ مبدئي تلتزمه؛ "اتباعاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مراحل دعوته"، وبما أنها في مرحلة الصَّدع بالحق فهي تمُرُّ في مرحلة "كفوا أيديكم" بحسب قولها، وهذا لا يعني تخليها عن الجهاد، الذي سيأتي في حِينِهِ المُناسب كما جاء في بيانها.

وبالنسبة للديمقراطية فإن الجماعة ترَى - بحسب ما قالت - أن القرآنَ والسنة هما مصدرُ السلطات، وليس الأمة مصدر السلطات كما هو منصوص عليه في كافة الدساتير الدولية؛ وبالتالي، فهي لا تُؤمن بالديموقراطية أو الأنشطة السياسية المختلفة ولا المجالس النيابة.

وعن تعريفها لنفسها في هذا الشأن تقول: "مَنْهَجَنَا الَّذِي بينَّاهُ يَخْتَلِفُ مَعَ مَنَاهِجِ الْجَمَاعَاتِ الإسْلَامِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ عَلَى السَاحَةِ؛ سَواءٌ تِلْكَ الَّتِي تَتَخِذُ الْعُنْفَ سَبِيلاً لِلْوُصُولِ إِلَى الْحُكْمِ لِإقامَةِ الْإِسْلامِ، أَوْ تِلْكَ الَّتِي تُحَاولُ الْوُصُولَ لِلْحُكْمِ مِنْ خِلاَلِ الْمَجَالِسِ النِيَابِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَنْشِطَةِ السِيَاسِيَّةِ والاجْتِمَاعِيَّةِ، أَوْ تِلْكَ الْمُنْشَغِلَةِ بِالْقَضَايَا الجُزْئِيَةِ وَالْمُخَالَفَاتِ الفَرْعِيَةِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ".

وعن الحاكم الذي تَنصَاعُ له الجماعة، فإنها أعلنت قبولها الانصياع خلف أي شخص أو حاكم يُطبّق شرع الله ويُؤمن إيماناً صادقاً بالتوحيد الخالص.

في المقابل لم تُعلِن الجماعةُ رأيها في الحُكّام الحاليين في العالم الإسلامي والعربي، ولم تُعلِن موقفها منهم.

"داعش" أم إخوان؟

من خلال ما سبق يتَّضح أن جماعةَ "الصادعون بالحق" الجديدة، هي أقرب لتنظيم الدولة "داعش"، منها إلى جماعة الإخوان المسلمين، في الفكر والمنهج، وإن كانت تختلف بشكلٍ واضحٍ مع "داعش" في عدم تبنّيها العنف أو الجهاد كخيارٍ رئيسي لها في الوقت الحالي لتحقيق أهدافها.

أيضاً - وبحسب مراقبين - فإن الجماعة الجديدة، لن تجد صَدىً لها قوياً في مصر، ولن يكثر أتباعها في ظل القبضة الأمنية الشديدة التي تُمارسها السلطةُ حالياً في مصر ضد التيارات الإسلامية المختلفة، كما أن طرحها لن يلقى قبولاً عند الشرائح الإخوانية التي لا تعتقد بتكفير المجتمع، فضلاً عن أن الشرائح التي تَمِيل إلى العنف لن تجد ضالّتها في تلك الجماعة الجديدة.

وعن الموقف الأمني في الصومال، لم تُعلِن الحكومةُ الصومالية - حتى كتابة هذا التقرير - موقفَها من الجماعة الجديدة، كما لم تُعلّق الأجهزة الأمنية المصرية أو الكويتية أو الليبية حتى الآن على تلك الجماعة الجديدة، ليتمَّ معرفة مصير أنصارها، أو مَن سيُقرِّر الانضمامَ إليها.

كتب بواسطة : أحمد عبدالجواد
Next Post Previous Post