الطوق التركي.. هل تستهدف أنقرة أبوظبي حقًا؟


تتسارع الأحداث في المنطقة وتتمايز الصفوف بطريقة أكثر وضوحًا وصراحة من ذي قبل. فمعسكر الاعتدال الذي تزعمته مصر مبارك والسعودية تحول لمعسكر الحصار وصارت أبوظبي رأس حربته فيما تفتت معسكر الممانعة بخروج سوريا الأسد بعد الثورة السورية وتخلي البشير عن جنوب السودان مقابل رفع الحصار والعقوبات الأمريكية.
تونس
بعد موجة ثورات الربيع العربي أعلنت أبوظبي حربًا شعواء على الإخوان المسلمين حيثما كانوا فأطيح بحكم محمد مرسي في مصر وحثت الجيش التونسي على الاقتداء بنظيره المصري لكن مسار مصر السيسي لم يرق للتونسيين فدبرت أبوظبي اغتيال سياسيين تونسيين معارضين لحركة النهضة حتى يجبر الجيش ومعارضو حركة النهضة على الانقلاب، وقد قدمت لهم الذرائع (سارعت سكاي نيوز العربية الممولة إماراتيًا بالترويج لمسئولية النهضة عن اغتيال شكري بلعيد) لكن تعجل أبوظبي زاد التونسيين توجسًا وخيفة من توجهات الإمارة.

مراسلات وتغريدات ورصاص

مارست أبوظبي ضغوطًا على الإدارة الأمريكية وحكومات أوروبية خصوصًا الحكومة البريطانية لاعتبار الإخوان جماعة إرهابية وهو ما لم توفق فيه كثيرًا!
لمز أبوظبي ومسئوليها بتركيا وقطر في صورة تغريدات على تويتر أو تصريحات علنية كان كقمة جبل الجليد.
فحصار قطر تم الإعداد له من 2014 ومراسلات العتيبة كشفت عن تحريض شديد وصريح استمر سنواتٍ ضد تركيا وقطر ترجمت بعض أهدافه بمحاولة الانقلاب الفاشلة على حكم العدالة والتنمية التركي ومحاولة قتل أردوجان شخصيًا بقصف الفندق المضيف في مرمرة يحمل بصمة أبوظبي!
اليمن
المواني وإقصاء حزب الإصلاح المحسوبين على الإخوان أهم من تحرير صنعاء وهزيمة الحوثيين وفي سبيل ذلك دعمت أبوظبي علي عبد الله صالح وابنه أحمد الذين تحالفوا مع الحوثيين والذين تقاتلهم الإمارات أيضًا كجزء من مشاركتها في قوات التحالف العربي.
كما تدعم أبوظبي أيضًا قيادات جنوبية تدعو للانفصال وإنهاء وحدة اليمن وسيطرت على جزيرة سقطرى ومنحت بعض أبنائها الجنسية الإماراتية وأقامت عددًا من المشاريع لسكان الجزيرة وكل ذلك تم رغم امتعاض حكومة هادي وشكاواه للسعوديين المتكررة لكف يد ابن زايد عن اليمن لكن شكاوى هادي لم تلق استجابة من السعودية التي لا يعنيها سوى القضاء على الحوثيين.
حصار قطر
ضربت أبوظبي والرياض وخلفهما السيسي والبحرين حصارًا على قطر وزعمت بعض المواقع أن المخطط الأصلي تضمن غزوًا عسكريًا لقطر أو تدبير انقلاب عسكري وهو ما يرجحه سرعة التدخل التركي ومصادقة البرلمان على إرسال جنود أتراك لقطر.
ليبيا
بفضل دعم أبوظبي الكبير استطاع الجنرال الليبي خليفة حفتر السيطرة على مناطق واسعة ومواقع نفطية هامة في ليبيا. دعم لم تستطع الأمم المتحدة وبعض منظماتها السكوت عنه فاتهمت الإمارات علانية بتأجيج الوضع في ليبيا وتعقيد الأزمة!
كردستان العراق
– أشارت تقارير عدة عن دعم أبوظبي للبرزاني في سعيه الاستقلال بكردستان العراق. الاستفتاء الذي انتهى بفشل ذريع للبرزاني توج باستقالته بعد فرض أنقرة وبغداد حصارًا عليه.
باكستان
حاولت الإمارة أثناء باكستان عن تطوير ميناء جوادر على بحر العرب الذي يهدد موقعه الاستراتيجي ميناء جبل علي لكن باكستان التي هي بأمس الحاجة لدعم الشريك الصيني المالي والسياسي رفضت فما كان من أبوظبي إلا الإطاحة بنواز شريف.
الصومال
الصومال الذي خرج لتوه من حكم الميليشيات المسلحة واقترب من استعادة السيطرة على أراضيه لصالح الدولة الوليدة بالتوازي مع رفع مستوى القوات العسكرية الحكومية والأمنية لم يسلم من سعي أبوظبي المحموم للسيطرة على مواني الشرق الأوسط والمحيط الهندي ولم يخيل لهم أن الرفض المهذب يمكن أن يكلفهم كل شيء.
ولم يكن فرماجو ممانعًا للتعاون مع الإمارات لكن الرجل أغضبه عدم اعتراف الإمارات بحكومته ولا مبالاتها بوحدة الأراضي الصومالية بعقده اتفاقًا للاستحواذ على ميناء بوصاصو مع حكومة بونت لاند المحلية دون الرجوع للحكومة المركزية حتى ولو شكليًا احترامًا لدولة شقيقة عضو في الجامعة العربية!
امتعاض فرماجو من أبوظبي اعتبر إهانة لابن زايد وتأديبه أصبح واجبًا فسعى ابن زايد للإطاحة به والانقلاب عليه فلم يوفق.
ولم يك لأبوظبي خيار غير اللجوء للعنف فشهدت مقديشيو تفجيرًا هو الأعنف منذ سنوات لم تعلن عنه حركة الشباب وهو ما يشير إلى أن تفجيرًا دمويًا بهذا الحجم هو من عمل دولة.
القدس
– لن ينسى العرب وخصوصًا المقدسيين سلبية أبوظبي والرياض فيما تعلق بحيازة إسرائيل للقدس ما يعني قبولًا بيهودية إسرائيل ونكوصًا حتى عن المبادرة العربية الهزيلة أصلًا.
بل تجاوز الأمر السلبية إلى الموافقة وتعددت تقارير صحفية تكشف عن أن أبوظبي والرياض مارسا ضغوطًا على أبي مازن محمود عباس للقبول بالتحركات الأمريكية وعدم التصعيد تجاهها ما يعني أن أبوظبي والرياض قد اتجها بالموقف العربي إلى ما هو أضعف من المبادرة العربية وتنازلات فريق المفاوضات الفلسطيني!
الشاطئ التركي
انشغل أردوجان في السنة الأولى بعد الانقلاب بإعادة ترتيب البيت التركي فعزل كثيرًا من جنرالات وضباط الجيش وبعض المسئولين الحكوميين وعددًا من العاملين بسلك القضاء وعزز من قوة الأجهزة الأمنية التي استبسلت في مواجهة الانقلابيين ومنح المخابرات صلاحيات أوسع وقوى أواصر تحالفه مع القوميين الأتراك، وكان أكثر خطواته تأثيرًا هو تمرير التعديلات الدستورية التي تعطيه صلاحيات أوسع بصفته رئيسًا منتخبًا.
لم يتوقف مسئولو أبوظبي عن التحرش بتركيا ومواقفها في كل ميدان بل والإساءة لشخص أردوجان كان آخرها تغريدة عبد الله بن زايد المسيئة للجنرال التركي الشهير فخر الدين باشا ووصمه بلص المدينة المنورة وإلحاق أردوجان بذلك فجاء رد أردوجان سريعًا واستنكرت أنقرة فعل وزير الخارجية الإماراتية الخارج عن حدود الأدب.
تونس مرة أخرى
كان آخر التصرفات الإماراتية غير المبررة هو منعها التونسيات من صعود طائرة متجهة للإمارات وقد صدر القرار في وقته بدون إخطار مسبق وتعليل موضح وعنصرية القرار زادت من غضب التونسيين جميعهم بل وشمال إفريقيا وكثير من الشعوب العربية.
حتى أصدقاء ابن زايد في قصر قرطاج لم يجدوا بدًا من التعبير عن الغضب والتماهي مع سياسة المعاملة بالمثل فكان ذلك لأنقرة فرصة ذهبية للتضامن مع تونس ودعم ديمقراطيتها المستهدفة!
السودان
قبل زيارة تونس بدأ أردوجان زيارته الإفريقية بصحبة الوفد المرافق من رجال الأعمال والمسؤولين الأتراك إلى السودان واستقبل بترحاب شعبي ورسمي كبير وكان الحدث الأبرز والذي شغل كثيرين هو منح البشير إدارة جزيرة سواكن التاريخية لأنقرة بغرض ترميم آثارها وتطوير مينائها، وغموض الاتفاقيات المبرمة فتح الباب واسعًا عن إمكانية استخدام أنقرة الجزيرة كقاعدة عسكرية خصوصًا وأن رئيس أركان الجيش التركي كان من ضمن الوفد. وما زاد من الشكوك هو حضور رئيس أركان الجيش القطري اجتماعًا بنظيريه التركي والسوداني والزيارة كانت مليئة بالإشارات الواضحة في كل كلمة وكل صورة.
وأكمل وفد أنقرة رحلته إلى تشاد ليوقع عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية الهامة وقد لاقى من الترحاب مثل ما لاقاه في الخرطوم ليتوجه إلى تونس محطته الإفريقية الأخيرة.
إذا كان الحديث عن قاعدة عسكرية تركية في السودان ما زال محل شك فإن القاعدة العسكرية في الصومال قد تم افتتاحها وبدأت في تدريب عناصر الجيش الحكومي الفيدرالي إلى جانب تقديم أنقرة خدمات لوجيستية وطبية إلى حكومة الصومال لا يمل المسئولون الصوماليون من الإشارة إليها والإشادة بها.
التحول السوداني بعيدًا عن أبوظبي والرياض له أسبابه الاقتصادية والسياسية بينها نكوص العاصمتين عن وعودهما بالتوسط لدى واشنطن لإسقاط كافة إجراءات العقوبات والحصار. كذلك قيل إن قوات أبوظبي في اليمن أهانت القوة السودانية المشاركة في التحالف العربي.
لم تحدث القاعدة في الصومال ضجيجًا كتلك التي أحدثتها الشكوك حول طبيعة التواجد التركي في السودان وربما جرى تضخيم الأمر عمدًا وتصويره على أنه تهديد جدي لمصر والمملكة العربية السعودية لدفعهم إلى اتخاذ خطوات تحد من تمدد الأتراك. فجزيرة سواكن تقع في مقابل جدة السعودية وفي خصر الدولة المصرية إلى القرب من حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين مصر وحكومة البشير فضلًا عن عدم رغبة نظام السيسي لرؤية جنود أتراك على حدوده وهو المتهم علنًا من قبل تركيا بأنه ليس رئيسًا شرعيًا ولا يزيد عن كونه جنرالًا طامعًا في السلطة.
الأهداف التركية
تذهب أغلب التحليلات والتعليقات إلى أن تركيا تستهدف تطويق الإمارات بالزيارات والاتفاقيات المتوقعة عقابًا لابن زايد على تمويله انقلاب 2015.
وهذه التحليلات صحيحة جزئيًا وخاطئة جزئيًا لأنها لا ترى الصورة الأكبر ولا تشير لتحركات أخرى؛ فأردوجان سبق زيارته الإفريقية زيارة إلى دول شرق أوروبا والبلقان وزار روسيا أكثر من مرة بل وزار بوتين أنقرة مرتين متتاليتين في أقل من ستة أشهر ونتج عن المباحثات الروسية التركية الكثير من الاتفاقيات الدفاعية والاقتصادية أهمها شراء أنقرة لبطاريات الدفاع الجوي S-400.
وجرت مباحثات أخرى تعلقت بتهدئة الصراع في سوريا.
أيضًا تطورت العلاقات التركية الباكستانية كثيرًا وكثر الحديث عن حلف صيني تركي باكستاني مناوئ لحلف واشنطن ونيودلهي. وقامت إسلام أباد بشراء مروحيات مقاتلة تركية الصنع وتطوير مشترك لأسلحة أخرى.
وما سبق يحتاج إلى بعض الإيضاح عن خلفية تلك التحركات:
– يعلم أردوجان وحزبه تمام العلم أن الولايات المتحدة مسؤولة مباشرة عن تدبير الانقلاب العسكري ومشاركة أبوظبي وتمويلها لا يعفي واشنطن من تحمل المسؤولية كاملة.
– أشارت بعض التقارير أن موسكو أطلعت أنقرة عن تحركات الانقلابيين ما أعطى أردوجان فرصة للنجاة ودعوة الأتراك للتصدي للانقلاب وإفشاله.
– تتهم موسكو واشنطن بتجاوز الخطوط الحمر فيما يتعلق بنشاطاتها العسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية ونشرها لبطاريات دفاعية في بولندا.
– اتهمت واشنطن إسلام أباد علنًا بالتقاعس عن محاربة الإرهاب ما أغضب الباكستانيين واعتبروه جحودًا أمريكيًا وإنكارًا لتضحيات باكستان في الحرب على الإرهاب فضلًا عن اتهام إسلام أباد لواشنطن بمحاباة الهند والانحياز لها في الصراع على كشمير وكذلك السماح لمسلحين بدخول الأراضي الباكستانية وتنفيذ هجمات داخلها.
– ردًا على المواقف الأمريكية قررت إسلام أباد التقارب مع بكين لإحداث توازن في الصراع مع الهند التي يجتمع البلدان في عداوتها وكى تستفيد باكستان من الاستثمارات الصينية في ميناء جوادر ووقوعها في الحزام الصينى ما يعنى ضخ مليارات الدولارات في تطوير البنية التحتية وضمان حلف دائم بين البلدين حماية لمصالحهما المشتركة.
– تجتمع الهند مع أبو ظبى في معارضة التقارب الصينى الباكستانى فالحلف تهديد مباشر لنيودلهى والميناء تهديد مباشر لجبل على.
– هل أمريكا هى المستهدفة بالتمدد التركى وليست الامارات ؟ وهل تتعمد أنقرة تضخيم الشجار مع أبو ظبى لصرف الأنظار عن الهدف الحقيقي؟
– الولايات المتحدة لا تنقلب على رئيس أو حكومة الا بعد استنفاد كافة الوسائل وفشل الانقلاب يدفعها لتدبير محاولات أخرى حتى تزيح بحكم العدالة والتنمية ومحاولات الانقلاب والاغتيال العديدة في كوبا وفنزويلا تؤكد ذلك.
– استبدال أردوغان قيادات عسكرية بآخرون أكثر ولاء وتعديل الدستور يصعب ولو مرحليا من الانقلاب عليه مرة أخرى ولذلك بدلا من استهداف شخص أردوجان ينبغى استهداف تركيا وهو هدف الانقلاب بدءا لوقف النمو والصعود التركى الاقتصادى.
قدمت الولايات المتحدة دعما علنيا يشمل أسلحة نوعية للانفصاليين الأكراد في سوريا وعلى رأسهم قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحماية الكردية التى تعتبرهما أنقرة حركات ارهابية ورغم تبرير واشنطن بأن الدعم مشروط بالحرب على داعش وهو مبرر غير مقنع ففصائل سورية عديدة تقاتل داعش إلى جانب الجيشين التركى والعراقى الحليفين فلماذا الإصرار على تسليح الأكراد !!
مثل تصرف واشنطن استخفافا أمريكيا بأمن تركيا والأتراك ونكوصا عن مبادىء حلف الناتو بحماية دول الحلف فواشنطن التى تقاتل على بعد آلاف الأميال بزعم الأمن القومى تقبل بفصيل مسلح يهدد دولة حليفة.

غضب أنقرة من ذلك القرار لم يمنع واشنطن من المضى في خططها فقامت المخابرات التركية بتسريب مواقع عسكرية أمريكية حساسة في سوريا يهدد خطط واشنطن العسكرية ويعرض أمن جنودها للخطر أو هكذا قيل.
– الامارات لا تمثل تهديدا حقيقيا لأنقرة مهما بلغ انتشار قواعدها فالامارات لا تملك مقومات دولة متوسطة فضلا عن إمكانية الانتشار كدولة عظمى.
وضخامة الاحتياطات المالية لأبو ظبى ودبى لا تكفى لبناء قوة عظمى وإلا لكانت سويسرا وفنلندا دولا عظمى فكما يقال بالانجليزيه وينطبق على الإماراتيين: “They Don’t Have What It Takes” ومشاركة الإمارات في محاولة الانقلاب على أردوجان وتمويلها لا تعدو كونها مشاركة جانبية لكن القرار في النهاية كان أمريكيا.
واذا أرادت أنقرة معاقبة أبو ظبى فهناك أكثر من عقوبة يمكن لأنقرة أن تنزلها على الإمارة لا أن تظهرها مظهر الند للند !!
– تعددت مطالب أنقرة الدولية باصلاح النظام الدولى والتأكيد على أن العالم أكبر من 5 دول وهو ما برز في نجاحها في عزلها للولايات المتحدة بمشاركة 128 دولة أخرى فيما تعلق بقضية القدس.
– تحركات أنقرة تسير في اتجاه الاستقلال الوطنى وتوطين التكنولوجيا والتسليح وانهاء عصر القطب الواحد وهو ما يعزز تقاربها مع موسكو وبكين لإنهاء الهيمنة الأمريكية لإحداث توازن دولى تكون تركيا قطبا فيه مستغلة الإرث العثماني لاستعادة النفوذ في آسيا وافريقيا والتركيز المرحلى على افريقيا ربما محاولة لكبح جماح الإيرانيين من نشر التشيع في الدول السنية.
– لم تقبل أنقرة أن يكون ترأسها الدورى لمنظمة المؤتمر الإسلامي ترأسا شكليا كما هو متوقع من المنظمات العربية والإسلامية وتحاول قدر المستطاع اصلاح المنظمة وتفعيل دورها.
– بين روسيا وتركيا تاريخ من العداء والتقارب المرحلى بين الدولتين من غير المرجح أن يدوم لكن النظامين الحاليين في حاجة إلى بعضهما : فروسيا وفى إطار تقليل الهيمنة الأمريكية تعمل على كسر تحالف الناتو بإخراج تركيا ثانى أكبر عضو من التحالف منه كما تدرك موسكو أن أنقرة يمكنها استعادة بعضا من النفوذ العثمانى في البلقان وساحل البحر الأسود للتصدى للتحركات الأمريكية.
– تحتاج تركيا إلى التكنولوجيا العسكرية الروسية لتأمين احتياجاتها الدفاعية بعد تعنت الحلفاء الأوروبيين وواشنطن من التعاون مع أنقرة بخصوص طلبات التسليح والغضب التركى مبرر فلولا أنقرة لاجتاحت سيول المهاجرين أوروبا والمخابرات التركية لم تتوانى عن تحذير نظيراتها الأوروبية من أى عمل أو عناصر تهدد أمن بلدانها.
– تتابع أنقرة التحركات الصينية الاقتصادية بطول طريق الحرير والطريق إلى أوروبا ونقاط الارتكاز في أفريقيا وانفاق بكين عشرات المليارات على البنية التحتية في اطار مبادرة “الحزام والطريق” بالتوازى مع تسارع الانفاق العسكري الصينى اعلان للجميع أن الصين قادمة وليست بمنتجاتها التى تغزو الأسواق فقط !!
– تعزز أنقرة الروابط مع كل القوميات التركية في آسيا الوسطى والصغرى ما يدلل على محاولة أنقرة توحيد كل الأتراك والمتحدثين بالتركية.
– إشارة أردوجان أكثر من مرة لعام 2023 ومرور مائة عام على اتفاقية لوزان التى وقعتها تركيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى (فرضت عليها شروطا قاسية تضمن التفريط في بعض أراضيها ومنحها لليونان) وربط كل خطط التنمية بهذا العام ومن ضمنه امتلاك نظام دفاعى وطنى وإطلاق أقمار اصطناعية تركية الصنع يعنى أن تركيا يمكنها وضعها من المطالبة بالأراضى التركية المحتلة والغاء أى اتفاق يتعارض مع مصالحها.
– تواجد القاعدة العسكرية التركية في قطر ليس مهددا للامارات فحسب لكنه يعكس عدم ثقة حلفاء واشنطن في الدوحة من الالتزام بالاتفاقيات التاريخية مع دول الخليج ورغم تشدد البنتاجون والخارجية الأمريكية في التعامل مع دول الحصار وتحذيرها الضمنى من التفكير في أى عمل عسكري ضد قطر على عكس ترامب والبيت الأبيض إلا أن أحدا لا يمكنه رهن سلطانه بتجاذبات واشنطن الداخلية.
يجب إعادة التذكير أن قطر تحوى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط والى جانب ساحل قطر وتحديدا البحرين يقع مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي.
– تأسيس تركيا لقاعدة عسكرية في الصومال في مقابل قاعدة اماراتية في إريتريا لا يعني بالضرورة أن تركيا تلاحق الامارات فالجارة الصغيرة جيبوتى تضم قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا أفروكوم.
– اذا فسر تواجد أنقرة في قطر والصومال وسواكن السودانية على أنه تهديد لأبو ظبى فبم يفسر التقارب مع تشاد ودول أخرى زارها أردوجان مطلع العام ؟
فالقاسم بين تونس وتشاد الى جانب زيارة أردوجان هو تشاركهما للحدود مع ليبيا التى صارت مسرحا للتدريب العسكرى للقوات الخاصة الفرنسية والأمريكية بل وجيش السيسى الذي قصف مدنا ومواقع في ليبيا أكثر من مرة دعما لخليفة حفتر المنقلب على الثورة في ليبيا وحامل لواء نظام القذافي ولتركيا شركات عديدة تعمل في ليبيا أغلبها في قطاع المقاولات جرى إجلاء الأتراك في وقت سابق بعد تدهور الأوضاع الأمنية وأنقرة لن تتوانى عن المشاركة في حل الصراع في ليبيا ولو كان فقط لأجل مصالحها الاقتصادية والمشاركة في إعادة الإعمار.
بناء على جغرافية التحركات التركية فأغلب الظن أن الطوق التركى الإقليمى هو جزء من طوق صينى روسى تركى أكبر يستهدف واشنطن وليست أبو ظبى الا تابع في الطريق وليست عداوتها الا قنبلة صوت.
أما التحركات الصينية لتطويق واشنطن فلا يسعها هذا المقال ولا يسعها مقال منفرد ولا أكثر.


 بقلم : رامي عمار - مدون مصري

Next Post Previous Post