السياسي عبد الرحمن شيخ فرولي: دلالات الترشح وإمكانية الفوز في انتخابات الصومال


عبد الرحمن شيخ محمد فرولي: الكاريزما والإثارة

يعد فرولي أحد الشخصيات السياسية المثيرة للجدل في الصومال، اتسمت مواقفه وسياساته بالجرأة ونقد الخصوم بصورة مباشرة. وسبق له أن اصطدم بطموحات لوبي “دم جديد” الذين استولوا على السلطة في عام 2012م، وأعلن في مناسبات عديدة أنه لا يعترف بالحكومة الصومالية الحالية، ويتمتع فرولي بتأييد شعبي واسع داخل بونتلاند التى ينحدر منها، ويصفه الناس بأنه صاحب كاريزما قوية أهلّته لاكتساب قاعدة عريضة من الشعب الصوماليّ، وإضافة إلى ذلك يُعرف فرولي بأنه شخصية عنيدة وصارمة بحيث لا يتنازل بسهولة عن مواقفه مهما كانت النتائج

وإبان فترته حكمه؛ شهدت بونتلاند مرحلة انتقالية توصف بأنها من أهم المراحل التى مرّت بمنطقة بونتلاند على الاطلاق، إذ أنه نجح في وضع اللمسات الأخيرة لدستور الإدارة، وأسس “دولة” تكاد تكون دولة مؤسسات، ونجح في إدارة ملف السياسة الخارجية للإدارة، ومع كل هذا لم ينجح فرولي في تحقيق التعددية الحزبية في بونتلاند، وأعلن فشله في تحقيق ذلك النظام قبيل إنتخابات 2014م، مما أدى إلى العودة إلى نظام اختيار الرئيس من قبل البرلمان، ومما يحسب “فرولي” قبوله بنتيجة انتخابات 2014م التي فاز فيها عبد الولي غاس بفارق صوت واحد فقط، وبصورة أذهلت الصومالين والدول الإقليمية

السياسية العدائية للوبي “دم جديد” تجاه بونتلاند

تصوّر البعض أن مواقف “فرولي”المناهضة لسياسة الحكومة الصومالية ستنحصر في فترته، أو بعبارة أخرى، ظنواً أنّه هو المحرك الرئيسي لتلك السياسة الصدامية مع “فيلا صوماليا” وليس الحكومة الصومالية التي تلعب دور الـ ” ضحية ” فيما يتعلق بعلاقاتها مع سياسي بونتلاند، ولهذا استبشر معتنقو هذه الفكرة بعد هزيمة فرولي ووصول عبد الولي “غاس” إلى السلطة. ولكن لم يمض الكثير على توليه رئاسة الولاية، حتى أعلن مناهضته لسياسة الحكومة الصوماليّة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس السابق شريف شيخ أحمد، ما يعنى أن زمرة الرئيس حسن شيخ محمود هي التي تسعى إلى الانقضاض على بونتلاند واالانتقاص من دورها السياسي في الصومال، وقد تجد تفسيرا منطقيا لما اقوله في مسار سياسة حسن شيخ محمود خلال الثلاث سنوات التي أمضاها في الحكم. وتتجلى السياسية العدوانية لمجموعة ” دم الجديد” تجاه “بونتلاند” في مقولات الدائرة المقربة منهم، إذقال حسن عبدي حيله -مستشار للرئيس حسن شيخ محمود- في برنامج الواقع العربي على قناة الجزيرة، متحدثاً عن أسباب عزل رئيس الوزراء السابق عبد الولي شيخ أحمد من منصبه: إن من أسباب عزل رئيس الوزراء السابق علاقته الخاصة يبونتلاند ، كأن بونتلاند دولة أو كيان معادٍ للصومال والصومالين

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي تفصلنا عنها أربعة أشهر فقط، سنحاول الوقوف عل دلالالة ترشح عبد الرحمن فرولي المفاجئة، إمكانية فوزه في الانتخابات القادمة في الصومال، وهل سيحقق ما فشل فيه غيره؟ وسنستعرض كذلك الصورة النمطية التى يحملها الشعب الصومالي في شخصية فرولي التى تحدثنا عنها في مطلع المقال

احتمالات المرحلة القادمة

قبل أن نتطرق لتلك الاسئلة دعونا نتطرق لمناخ الانتخابات القادمة التى لم تتجلَ ملامحه بعد، فالمشهد السياسي الحاليّ شديد التعقيد، وتشير التوقعات إلى أن الرئيس الحاليّ حسن شيخ محمود يمثل رقماً صعباً في الانتخابات القادمة، وانطلقت حملته الانتخابية بالفعل، ومما يرجع كفته معرفته العميقة بدهاليز السياسة الصومالية، تلك المعرفة التي اكتسبها خلال سنوات حكمه، إضافة إلى أنّ صيغة 4.5 تساعده في تمرير أجنداته السياسية خلال فترة الانتخابات، وكذلك من شخصيات التى يتوقع أن تصل إلى الأدوار النهائية لسباق الانتخابات الرئيس الانتقالي السابق شيخ شريف شيخ أحمد الذي يُتوقع أن يصل قريباً إلى مقديشو، ويتمتع شيخ شريف بتأييد في أوساط المجتمع الدولي ومن المحتمل أن يفوز في الانتخابات القادمة، وولا يمكن التقلبل من إمكانية وصول رئيس الوزراء السابق عبد الولي شيخ أحمد إلى فيلا صوماليا، لأن لديه تحالفاً سياسيّاً قويّاً يضم الكثير من الأسماء اللامعة على المسرح السياسي الصومالي، ومن الممكن أن يقفز إلى كرسي الرئاسة شخصية جديدة؛ من يدرى… ربما يكون شخص مثل جبريل إبراهيم عبدي الرئيس مركز أبحاث التنمية CDR الذي يقال أنه يمتلك تأييداً دولياً لحملته الانتخابية بأن يكون بطل الانتخابات القادمة، وكذلك محمد عبدالله فرماجو الذي يريد أن يصحح ببعض الأخطاء الفنية التي وقع بها في حملته الانتخاية الماضية، لكي يعزز حظوظه في الانتخابات.

أما “فرولي”، فلا نعرف كثيراً عن حملته الانتخابية التي أعلنها كردّ فعل على اتفاقية ” غرووي” كما هو صرّح بنفسه في تصريحه الأخير، فـ ” فرولي” ذكر مراراً مناهضته للمحاصصة القبلية 4.5، وقال أنّه مجبر على إخراج الأمة من المستنقع الخطير، ولأجل تحقيق ذلك الحلم قرر أن يخوض السباق الانتخابي.

 و يؤمن “فرولي” بأن لديه دراية كافية بالوضع الحاليّ للأمة الصومالية، وأنه رجل “المرحلة” بحيث يستطيع انتشال الأمة من ظلم المحاصصة القبلية 4.5 إلى نظام الدوائر الانتخابية، فهذا الإيمان القويّ بالفكرة تجعل مشروعه الانتخابيّ قابلاً للتطبيق، فصرامته المشهود لها تؤهله لإيصال البلاد إلى مرحلة انتخاب الرئيس من قبل الشعب حال وصوله لسدة الحكم.

إمكانية فوز فرولي في الانتخابات

لا شيء مستعبد في السياسة الصومالية، ولا أحد يدرى من سيكون الرئيس المقبل، فالمشهد الانتخابي برمته تحسمه تفاصيل دقيقة لا أحد يستطيع بأن يدّعي أنه يمتلكها. بإمكان “فرولي” أن يفوز، كما يمكن كذلك أن يخسر، يقول أحد المتابعين للسياسة الصومالية الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن صيغة 4.5 التى تم إقرارها تعني أن يكون معك واحد من اثنين: أن يكون معك دول أجنبية تساند حملتك الانتخابية وتمدك بكافة التسهيلات لوصولك إلى الكرسي الرئاسة، أو أن يكون معك مبالغ هائلة لتشتري لها أصوات النّواب، إضافة إلى تكوين جماعة ضغط ذات مصالح خاصة تدفع النّواب لمنحك أصواتهم. وما يجمع الشرطين هو (المال)، ما يعنى أن أيّ “مترشح” يمتلك واحدا من الاثنين أو الاثنين معاً سيفوز لا محالة في الانتخابات القادمة

وفي حالة “فرولي” فقد بدأت حملته بشكل فرديّ حتّى الآن، ولا يوجد تحالف سياسي مساند له في رحلته إلى “فيلا صوماليا”، وكذلك لا يضم صَفُّه شخصيات سياسية بارزة، لأجل ذلك من الصعب أن يفوز في الانتخابات القادمة، ولكنه على أقل تقدير يستطيع عرقلة أو خلط أوراق “دم الجديد” الذين يسعون للحصول على كرسي الرئاسة مرّة أخرى. وعلى كل حال، ما يزال الوقت مبكراً، وأمامنا أربعة أشهر؛ ومن الممكن أن يتغير المشهد السياسيّ برمته، ويظهر تحالف جديد يضم شخصيات فاعلة في الساسة الصومالية

ومن الصعوبات التي من الممكن أن تأثر في حملة فرولي – رغم أنها ليست أساسية – بأن معارضيه من الحكومة الصومالية روجوا عنه صورة نمطية تقول بأنه ما هو إلا رجل قبليّ، ولسوء الحظ تجد من يؤمن بهذه فكرة من الشعب الصوماليّ في مناطق نفوذ الحكومة، وأن تصريحات الصارمة التى قالها ولا يزال يقولها فرولي في حقبته الرئاسية وما بعدها هي التى أدت إلى اعتقادهم بهذه الفكرة الرخيصة، فمن السخرية نجد حكومة تأسس كيانها من اللبنات القبلية، وتمارس المحسوبية ليل نهار هى التي تروج لهذه الفكرة، وأن من يصدّقونها، لا يرون ذلك ! أما أبناء صوماليلاند، فرغم إعلان الانفصال، فإن حديث انتخابات 2016 هو الأكثر تداولاً، وعموماً، فهم لا يفضلون أي مرشح من بونتلاند، الجارة اللدودة التي تنازعهم على سول وسناع، ولأسباب تاريخية معروفة

وأخيرا، فأنّ الفوز في الانتخابات التي بنيت بصيغة 4.5 تحتاج أن يكون معك “المال” ولا يوجد هنا أيّ اعتبارات أخرى، فإن فوز فرولي من عدمه أو لغيره تخضع لهذا الشرط فقط، لأجل ذلك نرجو في الانتخابات القادمة أن يصل رجل سياسي ينقذ الأمة من الانقسام الحاليّ

مصدر : تكايا
أحدث أقدم